متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

محمد موسى
نشرت منذ أسبوعين يوم 16 أبريل, 2024
بواسطة محمد موسىتعديل زينة محمد
متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

متلازمة الضائقة التنفسية الحادة Acute Respiratory Distress Syndrome (أو ARDS اختصارًا) هي حالة رئوية تتسبب بنقص مستويات الأوكسجين في الدم، قد تكون مهددةً لحياة الإنسان بسبب حاجة جميع أعضاء الجسم إلى الأوكسجين للعمل بكفاءة.

معلومات عن متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

لفهم طبيعة متلازمة الضائقة التنفسية الحادة فمن المفيد معرفة كيفية عمل الرئتين في التنفس.

عند التنفس يعبر الهواء من خلال الأنف والفم باتجهاه القصبة الهوائية، ثم القصبات فالقصيبات ويصل الهواء بعدها إلى أكياس هوائية في الرئتين تدعى الأسناخ.

وتمر قرب جدران الأسناخ أوعية دموية صغيرة تدعى الشعيرات الدموية، يعبر الاوكسجين من الأسناخ إلى الشعيرات ومن ثم إلى مجرى الدم، ويحمل الدم الأوكسجين إلى جميع أجزاء الجسم وأعضائه.

أما في حالة متلازمة الضائقة التنفسية الحادة وحالات العدوى والإصابات أو حالات أخرى فإنها تتسبب بتسرب السوائل من الشعيرات الدموية إلى الأسناخ الرئوية أكثر من الطبيعي.

ما يمنع امتلاء الرئتين بالهواء ومن ثم يمنعها من ضخ كفاية من الأوكسجين إلى الدم. وبالنتيجة فلا تحصل أعضاء الجسد على كفايتها من الأوكسجين. ومن دون الأوكسجين قد لا تعمل الأعضاء بشكل جيد ولربما لا تعمل أبدًا.

أسباب متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

قد تؤذي عدة من الحالات أو العوامل الرئة بشكل مباشر أو غير مباشر فتودي إلى متلازمة الضائقة التنفسية الحادة. ومن أشيع مسببات الضائقة التنفسية:

  • الإنتان: إذ تخمج البكتيريا مجرى الدم.
  • ذات الرئة: وهي عدوى تصيب الرئة.
  • النزف الحاد الناتج عن إصابة في الجسم.
  • إصابة الصدر أو الرأس في حال الضربات الشديدة.
  • استنشاق الدخان أو الأبخرة المؤذية.
  • استنشاق محتويات المعدة من الفم عند التقيؤ.

يكون المرضى المصابين بحالات أو أمراض قد تؤذي الرئة بشكل مباشر أو غير مباشر في خطر أكبر للإصابة بمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة، وتتباين أنواع أذية الرئة بين الأذية المباشرة والأذية غير المباشرة. ومن مصادر هذه الأذية:

حالات قد تؤذي الرئة بشكل مباشر:

  • عدوى ذات الرئة.
  • استنشاق الدخان أو الأبخرة السامة.
  • استخدام جهاز التنفس الصناعي. إذ يمكن أن يؤذي الرئة في حالات نادرة.
  • الغرق.

حالات تلحق الأذى بالرئتين بشكل غير مباشر:

  • التعفن وهي حالة تغزو بها البكتيريا الدم.
  • النزف الحاد الناتج عن إصابة في الجسد أو الخضوع لعدة عمليات نقل دم.
  • إصابة الرأس أو الصدر.
  • التهاب البنكرياس.
  • الصمة الشحمية. وهي حالة تسد بها الشحوم شريانًا ما.
  • التأثيرات الدوائية.

أعراض ومضاعفات متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

أول ما يشعر به المرء من أعراض الحالة هو:

  • الشعور بعدم الحصول على تهوية جيدة للرئتين.
  • سرعة التنفس.
  • انخفاض مستوى أوكسجين الدم.

وتعتمد العلامات والأعراض الاخرى على مسببات متلازمة الضائقة التنفسية الحادة والتي قد تحدث قبل ظهور الضائقة التنفسية.

على سبيل المثال، إذا كانت الإصابة بذات الرئة هي المتسبب بمتلازمة الضائقة التنفسية فقد يختبر المريض سعالًا وحمى قبل الشعور بضيق النفس.

وقد يختبر المصابون بمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة أحيانا هبوطًا في ضغط الدم وتشوّشًا وتعبًا شديدًا. وهو ما يعني أن أعضاء الجسم كالقلب والكلى غير حاصلة على كفايتها من الدم المؤكسج.

مضاعفات متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

قد تنشأ مشكلات صحية أخرى عند مريض الضائقة التنفسية الحادة لدى وجوده في المشفى وأشيع المشاكل المتوقعة:

العدوى

قد يعرض التواجد في المشفى والاستلقاء في السرير لمدة طويلة المريض للأخماج كذات الرئة.

استرواح الصدر

واسترواح الصدر حالة يتجمع فيها الهواء أو الغازات الأخرى في المساحة المحيطة بالرئة تحت جدار الصدر. وهو ما قد يسبب انكماش أحدى أو كلتا الرئتين. قد يسبب ضغط الهواء الصادر عن التنفس الصناعي هذة الحالة.

تندّب الرئة

تسبب الضائقة التنفسية الحادة تندّب الرئة وتجعل تمددها وامتلاءها بالهواء أصعب. وقد يسبب ارتباط المريض بالتنفس الصناعي هذا التندب كذلك.

خثرات الدم

قد يحثّ الاستلقاء لمدة طويلة تشكل خثرات دموية في أنحاء الجسم. وتدعى الحالة لدى تشكل الخثرة في وريد عميق من أوردة الجسم بتخثر الأوردة العميقة.

يمكن أن تتحرر الخثرات من هذا النوع ضمن مجرى الدم فتنتقل إلى الرئتين وتحجب تدفق الدم ضمنها. وتدعى هذه الحالة بالصمة الرئوية.

تشخيص متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

يعتمد الطبيب في التشخيص على السجل الطبي للمريض، إضافة إلى الفحص البدني ونتائج الفحوصات الأخرى.

السجل الصحي

يسأل الطبيب عما إذا كان المريض قد عانى مؤخرًا حالاتٍ قد تسبب متلازمة الضائقة التنفسية. ويستعلم كذلك عن وجود مشاكل قلبية كالفشل القلبي أم لا. إذ يسبب فشل القلب تجمع السوائل في الرئتين.

الفحص البدني

قد تسبب الإصابة أصوات تنفس غير طبيعية كصوت الطقطقة. يستمع الطبيب إلى أصوات الرئة باستخدام سماعة طبية لتقصي هذه الأصوات.

وكذلك يستمع إلى أصوات القلب ويتقصى وجود مؤشرات على زيادة السوائل في أجزاء الجسم الأخرى. إذ تنذر السوائل الفائضة بوجود مشاكل قلبية او كلوية.

وقد يبحث الطبيب عن وجود ازرقاق في الجلد أو الشفاه. إذ يعني الازرقاق في الجلد أو الشفاه انخفاض مستويات الأوكسجين في الدم.

الاختبارات التشخيصية

قد يكون لدى المريض حالة أخرى مشابهة بأعراضها لمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة وللتثبت من التشخيص، يوصى بواحد أو أكثر من الاختبارات التالية والتي تعد الاختبارات الأساسية في عملية التشخيص:

قياس غازات الدم الشرياني

يظهر هذا الاختبار مستوى الأوكسجين في الدم. وقد يكون انخفاض مستوى الأوكسجين في الدم علامة على وجود متلازمة الضائقة التنفسية الحادة.

تصوير الصدر بالأشعة السينية

يستخدم هذا الإجراء لأخذ صور للبنى داخل الصدر كالقلب والرئتين والأوعية الدموية، ويكشف عن وجود فائض من السوائل في الرئة لدى استخدامه.

تحاليل الدم

تساعد تحاليل الدم كتحليل تعداد الدم الكامل وتحاليل كيمياء الدم وزراعة خلايا الدم في العثور على مسببات المرض كالأخماج والعدوى في حال وجودها.

استنبات البلغم

يستخدم هذا الاختبار لتحليل البلغم الذي يخرجه المريض بالسعال من رئتيه، ويساعد استنبات البلغم في إيجاد مسببات العدوى والمرض لدى وجودها.

ويمكن اللجوء لاختبارات أخرى أقل شيوعًا في تشخيص المرض، إذ تشمل الاختبارات المتبعة لتشخيص متلازمة الضائقة التنفسية الحادة كذلك:

تصوير الصدر المقطعي المحوسب

يستخدم حاسب لخلق صور مفصلة للرئتين في هذا النمط من التصوير، ويشكف تصوير الصدر المقطعي عن المشاكل الرئوية كالسوائل المتجمعة في الرئة أو علامات الإصابات بذات الرئة أو الأورام.

الاختبارات القلبية

وتكون عادةً لتقصي علامات الفشل القلبي، والفشل القلبي حالة لا يتمكن عندها القلب من ضخ ما يكفي حاجة الجسد من الدم وقد تسبب هذه الحالة تجمع السوائل في الرئتين.

علاج متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

تعالج متلازمة الضائقة التنفسية الحادة في المشفى ضمن وحدة العناية المشددة. وتركز طرق العلاج الحالية على زيادة مستويات الأوكسجين في الدم وتوفير الرعاية الداعمة للمرضى.

وكذلك يحاول الأطباء تحديد الأسباب الكامنة وراء الحالة وعلاجها. وأشيع ما يلجأ إليه الطبيب في العلاج:

العلاج بالأوكسجين

أحد أهداف العلاج الرئيسية للضائقة التنفسية الحادة هو تزويد الرئتين وبقية أعضاء الجسد بكفاية من الأوكسجين. ذلك بأن الأعضاء كلها في حاجة إلى الأكسجين للعمل بكفاءة.

يعطى الأكسجين عادة عبر الشوكة التنفسية التي تثبت إلى فتحتي الأنف أو عبر القناع التنفسي.

ولكن إذا لم ترتفع مستويات الأوكسجين لدى المريض أو إذا ظلّ غير قادر على التنفس فسوف يلجأ الطبيب عندها إلى تزويده بالأوكسجين عبر أنبوب تنفسي؛ إذ يدخل أنبوبًا مرنًا من الأنف أو من الفم ثم يلج به إلى القصبة الهوائية للمريض. ويعطي الطبيب دواءً عن طريق الرذاذ للمريض يضخه داخل مجاريه التنفسية لتخديرها قبل إدخال الأنبوب..

ثم يربط الأنبوب إلى آلة لدعم التنفس هي جهاز التنفس الاصطناعي، ثم يملأ جهاز التنفس رئتي المريض بالهواء الغني بالأكسجين، ويضبط الطبيب جهاز التنفس بحسب حاجة رئتي من الدعم، وهو ما يساعد في تجنب تأذي الرئتين من الضغط الصادر عن جهاز التنفس.

يبقى المريض مرتبطًا بجهاز التنفس الصناعي حتى يعود قادرًا على التنفس وحده، وإذا ما احتاج المريض جهاز التنفس لأكثر من عدة أيام فسيلجأ الطبيب بعدها إلى خزع الرغامى، وهو إجراء يشمل فتح جرح صغير في العنق لتمهيد الطريق إلى القصبة الهوائية، ويدعى الشق بفغر الرغامى، ثم يدخل الطبيب أنبوب التنفس مباشرةً في الرغامى. ثم يربط بعدها إلى جهاز التنفس الصناعي.

الرعاية الداعمة

تعني الرعاية الداعمة العلاجات التي تساعد في تخفيف الأعراض وتجنب المضاعفات أو تحسين جودة حياة المريض، وتشمل الأساليب الداعمة المتبعة لعلاج متلازمة الضائقة التنفسية الحادة:

  • أدوية للمساعدة في راحة المريض وتسكين الألم.
  • مراقبة دائمة لعمل القلب والرئة (يتضمن ذلك ضغط الدم والتبادل الغازي).
  • دعم تغذوي إذ يعاني مرضى الضائقة التنفسية الحادة عادةً من سوء التغذية. ولذلك فقد يعطى المريض دعمًا تغذويًا من خلال أنبوب تغذوي.
  1. علاج الأخماج والعدوى: المصابون بمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة في خطر أكبر للإصابة بعدوى رئوية كمثل ذات الرئة. وكذلك يزيد ارتباط المريض بالتنفس الصناعي احتمالية التعرض للعدوى. ويلجأ الأطباء للمضادات الحيوية لعلاج ذات الرئة والأخماج الأخرى.
  2. الوقاية من خثرات الدم: قد يفضي الاستلقاء لمدة طويلة إلى تشكل خثرات دموية في الأوردة العميقة للجسم، ولربما تتحرر الخثرات من أماكنها فتنتقل عبر الجسم إلى الرئة فتحجب مجرى الدم فيها مسببةً حالة تعرف بالصمة الرئوية. ولتجنب خثرات الدم يُلجأ إلى أدوية مميعات الدم إضافة إلى معالجات أخرى كمثل الجوارب الضاغطة (وهي جوارب تولد ضغطًا بسيطًا في الساقين).
  3. الوقاية من النزف المعوي: هناك خطر أكبر لحدوث نزف معوي لدى المرضى الذين يتلقون دعمًا تنفسيًّا من جهاز التنفس الصناعي، وتقلل الأدوية هذا الخطر.
  4. السوائل: تسرب سوائل إلى جسم المريض لتحسين تدفق الدم في الجسم ولتوفير التغذية للمريض.

يحرص الطبيب على أن يأخذ المريض المقدار الصحيح من السوائل. ويعطي السوائل عادةً عبر قثطرة وريدية تدرج في أحد أوردة المريض.

طرق وقاية من متلازمة الضائقة التنفسية الحادة

تكون الوقاية من الإصابة بهذه الحالة بتجنب مسبباتها، ومن ذلك:

  • تجنب البيئات ذات الهواء الملوث لوقاية الرئتين من التخرش أو التقاط عدوى ما.
  • تجنب التدخين.
  • وقاية الصدر والرأس من التعرض للضربات القوية.

اقرأ المزيد:

متلازمة الضائقة التنفسية الحادة هي حالة من الشدة التنفسية التي تستوجب تدخلًا طبيًّا لعلاجها وإلا فهي مهددة لحياة المصاب، وغالبا ما تكون نتيجةً لإصابة رئوية أخرى كمرض ذات الرئة أو الأخماج أو النزوف.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة