القلق الاستباقي

محمد موسى
نشرت منذ أسبوعين يوم 14 أبريل, 2024
بواسطة محمد موسى
القلق الاستباقي

القلق الاستباقي – anticipatory anxiety حالة تتصف بالخوف والقلق تجاه الأشياء السيئة التي قد تحدث في المستقبل.

وقد يحدث في عدة سياقات مختلفة، لكنه يركز أكثر الأمر على الأشياء التي لا يتحكم بها المرء أو لا يقدر على توقعها.

عوارض وتأثيرات القلق الاستباقي

يتباين القلق الاستباقي ما بين موجة توتّر عابرة إلى شعور منهك من الفزع.

ولربما يلاحظ على المريض:

  • صعوبة في التركيز.
  • مشاكل في ضبط المشاعر والمزاج.
  • برود في المشاعر.
  • فقدان الاهتمام بالهوايات المعتادة.
  • انفعال أو اهتياج.
  • شد عضلي وألم.
  • غثيان وفقد شهية.
  • مشاكل في النوم.

ولربما يمضي المرء في حالة القلق الاستباقي وقتًا طويلًا في تخيل سيناريوهات أسوأ الاحتمالات. والتركيز المبالغ فيه على هذه المخرجات غير المرغوبة قد يزيد من الإحباط واليأس أيضًا.

القلق الاستباقي عرض لا مرض

ليس القلق الاستباقي بتشخيص نفسي بحد ذاته (أي ليس مرضًا)، إنما يمكن أن يظهر كعرض من أعراض اضطراب القلق العام، أو اضطرابات أخرى.

وتتضمن حالات أخرى خوفًا من الأحداث المستقبلية التي ليست محتملة الحدوث بالضرورة.

ومن الاضطرابات التي يمكن أن يترافق القلق الاستباقي معها:

القلق الاجتماعي Social anxiety

يتضمن القلق الاجتماعي خوفًا شديدًا من الرفض أو الحكم السلبي، ويترافق هذا الخوف غالبا مع أعراض القلق الجسدي كذلك.

فإذا ما كان لدى المرء قلق اجتماعي فلربما يقلق حول قول شيء محرج أو ارتكاب هفوات اجتماعية قد تكلفه صداقاته أو عمله.

وقد يجعل القلق حول الانتقادات المتوقعة من الآخرين أصعب على المرء أن يشارك أفكاره أو رأيه حول أي موضوع.

أنواع محددة من الرهاب Phobia

قد تشمل بعض أنواع الرهاب خوفًا شديدًا من أشياء موجودة بشكل يومي في حياة المرء، كالساعات أو العناكب أو المتفعات أو ركوب الحافلة.

ولدى أصحاب الرهاب بمختلف انواعه الكثير والكثير من القلق الاستباقي، الذي يظهر بالترافق مع ما يخافون منه.

اضطراب الهلع Panic disorder

القلق الاستباقي عرض شائع لاضطراب الهلع.

اضطراب الكرب ما بعد الصدمة – PTSD

يعيش معظم من اختبروا نوعًا من الصدمات في خوف من تكرر الصدمة مجددًا.

قد يحدث القلق الاستباقي المرتبط باضطراب ما بعد الصدمة كعرض لأي تجربة صادمة، كحادث السيارة أو السرقة أو شهادة موت أحد أحباء المرء.

وقد تزيد المنبهات المتربطة بالصدمة من شعور القلق الاستباقي فإذا ما علق الحدث في ذهن المرء قسيمضي الكثير من الوقت يتذكر ما حدث ويقلق حول حدوثه مجددًا، حتى ليجهد كي يفكر بأي شيء آخر.

كيفية التعامل مع القلق الاستباقي

قد يسبب القلق الاستباقي الكثير من الكرب، وقد يبقي المرءَ حبيس حلقات من الأفكار القلقة.

ومن النصائح التي قد تساعد في كسر هذه الحلقات:

الاعتناء بالحاجات الفزيولوجية

قد تلعب أمور كالنوم والتغذية والرياضة دورًا مهمًا في إدارة أعراض القلق، تتضمن هذه الأعراض القلق الاستباقي.

إذا ما كانت الأعراض متضمنة توترًا في المعدة فقد يجد المرء صعوبة في الأكل، لكن تجاوز الوجبات قد يزيد في الأمر سوءًا، فمن المهم الحصول على تغذية كافية.

كذلك فقد يسبب القلق الاستباقي في الكثير من الحالات مشاكل في النوم، لكن الحرمان من النوم قد يفاقم الوضع أكثر.

والإقلاع عن الكافئيين وممارسة تقنيات الاسترخاء قد يحسّن غالبًا جودة النوم.

كذلك فالرياضة عامل نافعً جداً ضد القلق وفي تحسين الصحة النفسية بشكل عام، ويجب عدم إهمالها.

الحديث مع النفس

تهم الطريقة التي تحدث بها نفسك عن القلق.

فمن الطبيعي أن تقلق حيال حدوث الأمور السيئة، وعندما تتمادى هذه المخاوف فعليك أن تذكر نفسك (بلطف) أن الزيادة في التفكير بالأمور السلبية قد يمنع المرء من الاستمتاع بالأشياء الجيدة في الحياة.

عندما تبدأ القلق حيال شيء ما، اسأل نفسك: هل هذه احتمالية واقعية؟ فإذا كانت إجابتك (الصادفة) هي لا، فعليك أن تحاول توجيه طاقتك وتركيزك نحو اللحظة الحاضرة بدلًا من ذلك.

أما إذا كانت الإجابة بنعم، فمن المقبول هنا التخطيط للتعامل مع الحدث، سواء أكان ذلك يتضمن أخذ إجازة من العمل أو إعادة تجهيز معدات الطوارئ.. إلخ، ولكن ضمن الحدود المعقولة.

وجرب بعد ذلك أن تنحّي الأفكار القلقة، إذ تكون هكذا قد فعلت ما بوسعك.

التحدث عن المخاوف

قد يساعد إعلام أحبائك والمقربين منك بمخاوفك كذلك، وخصوصًا إذا ما كنت تشعر بالعزلة بسبب أعراضك فغالباً ما يساعد الأصدقاء والعائلة من خلال الاستماع وتقديم ملهيات إيجابية كالمشي أو الطبخ سويّةً.

متى يتطلب القلق الاستباقي علاجًا تخصصيًّا

إذا لم تنفع طرائق التعامل الذاتية ولم توفر ما يكفي من الارتياح فمن المفيد تجربة المساعدة التخصصية.

القلق شائع قليلاً، وغالبية الناس تحتاج بعض الدعم الإضافي للعيش براحة معه.

وإليك نظرة على الخيارات الأهم للمساعدة:

العلاج النفسي

عادة ما تكون المعالجة النفسية السبيل الأفضل لحل المشاكل المسببة للقلق. يساعد المعالج المريض على فحص مصادر التوتر في حياته والبدء بتحديد الأسباب المحتملة للقلق الاستباقي.

وكذلك فقد يساعد المعالج على تعرف الطرق الضارة أو قليلة الفعالية في التعامل مع القلق، كتجنب مصدر الخوف أو اللجوء لشرب الكحول للنسيان، ويوفر إرشادًا لطرائق أكثر فائدة وصحة.

وبما أن القلق الاستباقي قد يحدث بسبب مخاوف نفسية مختلفة، فقد يوصي المعالج بنوع محدد من العلاج بالاعتماد على ما يتعامل معه المريض.

ويوصي الكثير من المعالجين بالعلاج السلوكي المعرفي أو العلاج المعرفي المستند إلى التركيز الكامل، من أجل القلق.

وكذلك فقد يكون العلاج بالتعرض نافعًا بشكل خاص مع بعض انواع الرهاب، لكنه كذلك موصى به لأنواع أخرى من القلق ولاضطراب ما بعد الصدمة.

إضافة إلى المعالجة الكلامية، تساعد طريقة إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة EMDR الكثير من المرضى في تحسين أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

العلاج الدوائي

لا تعالج الادوية القلق، إنما تساعد في تحسين الأعراض، ومنها القلق الاستباقي، وخصوصاً عندما تترافق مع المعالجة.

قد يوصي مقدم الرعاية الصحية بالأدوية إذا كانت الأعراض:

  • تجعل من الصعب متابعة الحياة اليومية.
  • تمنع إحراز التقدم في العلاج.
  • تسبب كربًا شديدًا.
  • تؤثر على الصحة الجسدية.

وتتضمن أدوية القلق النوعين طويل الأمد وقصير الأمد، فليس بالضرورة أن يكون تعاطيها دائمًا.

وقرار أخذ الأدوية فردي، فليس على المريض أن يشعر أنه مضطر لأخذها أو عدم أخذها.

ومن بعض الأدوية المحتملة للعلاج:

  • حاصرات بيتا. قد تعمل جيدًا كعلاج متقطع للتوتر. فلربما يجرب المريض هذا الخيار إذا كان قلقه محتملًا لكنه يخرج عن السيطرة في بعض الأحيان فقط.
  • البنزوديازيبينات، وهي مهدئات تعزز الاسترخاء والهدوء. لكن يمكن أن تسبب الإدمان، وعليه فلا يوصى بها إلا بالشكل قصير الأمد. قد تستفيد منهم في تحمل الأعراض الشديدة للقلق أول العلاج.
  • مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية.
  • مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين – نورإبينفرين.
  • مضادات الاكتئاب الأخرى التي تؤمن الارتياح لفترة زمنية أطول.

لا يحمل المستقبل إلا المفاجآت، فمن الطبيعي تمضية بعض الوقت في التساؤل عما قد يحدث، ولكن عندما يصبح القلق الاستباقي شديدًا فسيمنع التمتع بالحاضر، وعندها قد يتطلب الأمر طلب دعم تخصصي.

باختصار، إذا ما تأثرت جودة الحياة، فالتحدث إلى معالج وأخذ المساعدة العلاجية سيكون مفيدًا.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

    موافق