اختبار PCR أو تفاعل البوليميراز السلسلي polymerase chain reaction طريقة لتحليل تسلسل قصير من الحمض النووي في عينات تحوي كميات ضئيلة منه. ويستخدم تفاعل PCR لإعادة إنتاج (تضخيم) قسم محدد من تسلسل حمضي نووي سواء أكان DNA أم RNA. تعرف على ما هو، وما فوائده وأهم استخداماته؟
ما هو اختبار PCR؟
مقدمة عن الحمض النووي وأنواعه
تقسم الحموض النووية لدى الكائنات الحية إلى نوعين، هما:
- الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين Deoxyribonucleic acid أو اختصارًا DNA.
- الحمض النووي الريبوزي Ribonucleic acid أو RNA.
يتألف الحمض النووي من سلسلتين (طاقين) مرتبطين ببعضهما. ويتألف كل منهما من الكثير من النكليوتيدات التي تؤلف باختلاف ترتيبها وأنواعها الترميزات الوراثية للفرد. وال DNA هو الأشيع لدى الكائنات الحية ومنها الإنسان. وهو الذي يحمل الترميزات الجينية التي ترمز للصفات المختلفة للكائن. أما ال RNA فهو يلعب أدوارًا أخرى؛ أبرزها إظهار الصفات التي يرمزها ال DNA من خلال تواسط تركيب البروتين في الجسم وتنظيم التعبير الجيني.
تضخيم الحمض النووي
كان تضخيم الحمض النووي سابقًا يجرى عبر استنساخ قطع الحمض النووي المستهدفة ضمن عائل (مضيف) جرثومي من خلال دورة تكاثره. وكانت تستغرق أسابيع حتى تتم. أما بعد اختراع تفاعل PCR وبإجراء التضخيم ضمن أنابيب الاختبار لم تعد تستغرق العملية أكثر من بضع ساعات حتى تتم.
ويعتبر تفاعل البوليميراز السلسلي عالي الكفاءة في إنتاج أعداد لا تحصى من نسخ الحمض النووي. إضافة إلى أن اختبار PCR يعتمد على الجزيئات عينها التي تعتمد عليها عملية تضاعف الحمض النووي في الطبيعة:
- المشارع Primers، والمشرع هو تسلسل DNA قصير وحيد الطاق يصنع ليتوافق مع بداية ونهاية شريط الحمض النووي المنتسخ.
- إنزيم يدعى بوليميراز ال DNA، وهو إنزيم يسير على طول شريط الحمض النووي قارئًا ترميزاته ومعدًّا نسخة منه؛
- كمية من الوحدات البنائية للحموض النووية، وهي جزيئات تدعى النكليوتيدات، يحتاجها إنزيم البوليميراز من أجل النسخ.
كيفية إجراء تفاعل PCR
يتضمن إجراء اختبار PCR ثلاث خطوات أساسية تتكرر على ثلاثين أو أربعين دورة تضاعف. تجرى هذه الدورات ضمن مكرِّرٍ آلي، وهو جهاز مصنع خصيصًا لإجراء اختبار PCR. يسخن المكرر الآلي أنابيب الاختبار الحاوية مزيج التفاعل ويبرّدها بسرعة كبيرة. وتحدث كل مرحلة من المراحل الثلاثة – التمسخ denatauration والارتباط annealing والإطالة extension – عند درجة حرارة مختلفة.
وفيما يلي نستعرض أهم 3 مراحل لإجرائه:
- التمسخ
تحدث عند درجة حرارة 94 مئوية. ويصهر خلالها شريط ال DNA ثنائي الطاق إلى شريطين (طاقين) منفصلين من الحمض النووي.
- الارتباط
عند درجة حرارة متوسطة بحدود 54 درجة مئوية ترتبط المشارع إلى شريط ال DNA المرصاف (وهو أحد شريطي ال DNA الذي يجرى عليه النسخ). ويرتبط بعد ذلك عند قطعة صغيرة من ال DNA ثنائي الطاق (الطاق المرصاف المرتبط مع المشارع) أنزيم البوليميراز ويبدأ بنسخ الشريط المرصاف.
- الإطالة
عند الدرجة 72 مئوية يعمل إنزيم البوليميراز بأفضل كفاءته. وترتبط النكليوتيدات بشكل متمم لتسلسل المرصاف، إلى سلسلة المشارع، مؤلفةً شريط DNA ثنائي الطاق مجددًا. تضخم بدورة واحدة قطعة واحدة مضاعفة من ال DNA إلى قطعتين مضاعفتي الطاق. وتصبح كل من هاتين القطعتين بعدها منطلقًا للتضخيم في الدورة التالية. ومع تكرار الدورة مرة بعد مرة يصنع المزيد من النسخ ويزداد عددها أضعافًا مضاعفة.
إنزيم taq بوليميراز
يتطلب تفاعل PCR إنزيمًا يدعى بوليميراز ال DNA. يصنع الشرائط الجديدة من DNA باستخدام الشرائط الموجودة مسبقًا كمرصاف. ويتطلب تضاعف الأحماض النووية لدى جميع الكائنات الحية نوعًا من أنواع إنزيم البوليميراز، وكذلك في تفاعل PCR. يدعى نوع البوليميراز المستخدم في تفاعل PCR بأنزيم Taq بوليميراز، نسبة إلى الجراثيم التي أخذ منها. وهي جراثيم تعيش على سفوح البراكين وتقاوم الحرارة بشكل كبير وتدعى Thermus aquaticus.
واختيار بوليميراز هذا النوع من الجراثيم هو لمقاومته الحرارة التي يجري عندها فصل طاقي DNA في تفاعل PCR. إذ يعمل بكفاءته التامة عند درجة السبعين مئوية، وهي حرارة ما كان إنزيم بوليميراز البشر ليعمل ضمنها. فمقاومته للحرارة تجعله مثاليًّا للاستخدام ضمن تفاعل PCR.
استخدامات اختبار PCR
نجد أن اختبار PCR له استخدامات واسعة وغير قابلة للحصر في تشخيص الأمراض وإجراء البصمة الوراثية DNA fingerprinting وتشخيص مختلف أنواع العدوى الفيروسية والجرثومية.
إضافة إلى دراسة التطور البشري، استنساخ الحمض النووي لمومياء فرعونية وكذلك إثبات الأبوة والعلاقات البيولوجية. ووفقًا لذلك غدا اختبار PCR أساسيًّا لكل من البيولوجيين ومخابر التحاليل الجنائية وللكثير من المختبرات الأخرى المعنية بدراسة الجينيّات.
الكشف عن الإصابة بفيروس كورونا
شاع اسم اختبار PCR في الفترة الأخيرة إثر تفشي وباء فيروس كورونا المستجد في العالم. إذ أنه الاختبار المعتمد في الكشف عن الإصابة بالفيروس. تؤخذ عينة من خلايا المريض عن طريق المسحة الأنفية ثم يضخم حمضها النووي ويرحَّل، للتثبت من إصابة المريض أو نفيها.
قراءة نتائج اختبار PCR
تعرض نتائج الاختبار باستخدام الرحلان الكهربائي. والرحلان الكهربائي تقنية تفصل فيها شدف الدنا بإمرارها عبر مصفوفة هلامية باستخدام تيار كهربائي. تفصل شدف الدنا T-DNA وفقًا لأحجامها. ويستخدم في الرحلان الكهربائي عياري DNA مؤلف من قطع دنا معروفة الوزن الجزيئي.
يمكن بمقارنة نتائج الرحلان الكهربائي مع العياريات معرفة حجم قطع الدنا المضخمة ضمن تفاعل PCR. تشكل قطع الدنا متماثلة الحجم شريطًا على الهلامة، ويمكن رؤيتها بالعين المجردة إذا ما صبغت الهلامة بصبغة نوعية للحمض النووي.
اختبار PCR الناسخة العكسية
تفاعل البوليميراز السلسلي ذو الناسخة العكسية RT-PCR (Reverse transcriptase-polymerase chain reaction) هو تقنية عالية الحساسية لكشف وتقدير كمية الحمض النووي RNA. وهو حد تنويعات اختبار PCR التقليدي. ويختلف عنه بأن المادة الوراثية الأصلية فيه ليست جزيئات DNA، إنما هي جزيئات RNA. تتألف التقنية من مرحلتين:
- اصطناع سلسلة متممة من DNA بدءًا من RNA بوساطة أنزيم الانتساخ العكسي (إنزيم يصنع DNA بدءًا من RNA).
- تضخيم الدنا المتمم بتفاعل PCR وفق الخطوات التي ذكرت مسبقًأ.
يستخدم اختبار RT-PCR لقياس الحمولة الفيروسية لكل من فيروسات الإيدز والفيروسات ذات الحمض النووي RNA كالحصبة والنكاف.
تفاعل البوليميراز السلسلي أو اختبار PCR من تقانات الهندسة الوراثية المهمة جدًا في المجال الطبي ومجالات الأحياء والوراثة والكثير غيرها. وذلك نظرًا لقابلية استخدامه في الكثير من التجارب وفي تشخيص الأمراض الوراثية والفيروسية والمزيد غير ذلك.
عذراً التعليقات مغلقة