يعد التهاب الدماغ الأولي عند الخيول (equine protozoal myeloencephalitis) أحد الأمراض العصبية التي تصيب الخيول وتسبب تلف في الجهاز العصبي المركزي (المخ، والحبل الشوكي). يواجه الأطباء البيطريين عادةً صعوبة في تشخيص هذا المرض لأنه يؤثر على أجزاء متعددة من جسم الحصان، ويشمل مجموعة من الأعراض المختلفة التي قد تتشابه مع غيرها من الأمراض الأخرى. تعرف إلى أعراض المرض وطرق العلاج والوقاية منه.
ما هو مرض التهاب الدماغ الأولي عند الخيول؟
هو مرض يصيب الجهاز العصبي المركزي في الخيول من مقدمة الدماغ إلى نهاية الحبل الشوكي. ينتج التهاب الدماغ الأولي الخيلي عن عدوى الجهاز العصبي بالطفيليات الأولية التي تسمى Sarcocystis neurona الموجودة بشكل شائع في حيوان الأبوسوم.
يعد التهاب الدماغ الأولي عند الخيول عملية مرضية معقدة لا يزال الأطباء البيطريين لا يدركونها تمامًا، يسبب هذا المرض العرج العصبي وأعراض أخرى قد تكون غامضة الحدوث في الخيول. تم اكتشاف التهاب الدماغ الأولي عند الخيول(EPM) لأول مرة في السبعينيات، تظهر الأعراض عادة في جميع أعمار وسلالات الخيل، ولكنه أكثر شيوعًا في الخيول الأصغر سنًا، لم تسجل حالات مرضية من هذا النوع سابقًا في الحمير أو البغال.
أسباب التهاب الدماغ الأولي عند الخيول
تحدث العدوى بالتهاب الدماغ الأولي عند الخيول بسبب استهلاك الخيول للطفيليات الأولية وحيدة الخلية (protozoa) مثل الساركوسيستيس العصبي (Sarcocystis neurona) وهي الأكثر شيوعًا، ولكن حدوث هذا المرض نادر بسبب استهلاك Neospora hughesi. يعد براز حيوان الأبوسوم الذي يحتوي على الأكياس البوغية المعدية (infective sporocysts) لهذه الطفيليات الأولية هو مصدر العدوى للخيول. تحدث الإصابة نتيجة تناول الخيول للعلف أو الماء الملوث ببراز الأبوسوم الحامل لهذه الطفيليات.
يحدث إمتصاص لهذه الطفيليات إلى مجرى الدم مباشرة بعد ابتلاع الخيول لهذه الأكياس البوغية المعدية، ومن ثم يمكنها أن تعبر الحاجز الدموي الدماغي إلى الجهاز العصبي المركزي. تبدأ الطفيليات الأولية في مهاجمة الجهاز العصبي وتتسبب في ظهور الأعراض المختلفة للمرض. يمكن لطفيل N.hughesi أن ينتقل من الخيول العشار المصابة إلى الجنين مما يؤدي إلى حدوث الإجهاض، وأحيانًا يحدث ولادة مهر طبيعي ولكنه حامل للمرض. يوجد طفيل آخر وهو Toxoplasma gondii يسبب أيضًا حدوث المرض، ولكن دوره غير معروف حتى الآن.
أعراض التهاب الدماغ الأولي عند الخيول
تتشابه أعراض مرض التهاب الدماغ الأولي عند الخيول (EPM) في البداية بشكل كبير مع العديد من علامات الأمراض العصبية الأخرى. تشير بعض الدراسات إلى أن أكثر من نصف الخيول في الولايات المتحدة تعرضت للإصابة بمرض EPM، لكن حالات نادرة منهم تطور إلى الأعراض العصبية الحادة.
يختلف الأطباء في تحديد السبب الرئيسي لظهور الأعراض. يتجه البعض إلى أن الطفيليات الأولية هي التي تسبب ظهور الأعراض، بينما البعض الأخر يتجه إلى أن ظهور الأعراض يحدث نتيجة رد فعل الجهاز المناعي نتيجة وجود هذه الطفيليات هو الذي يسبب الالتهاب والأعراض الثانوية. يختلف ظهور الأعراض والعلامات السريرية من حصان إلى أخر، قد تكون بطيئة الظهور في البعض، ولكن في البعض الأخر تظهر فجأةً. يشمل ما يلي أهم 3 أعراض لمرض EPM:
- ضمور عضلي (Atrophy)
يحدث تلف في عضلات جسم الحصان، ويشمل هذا التلف عضلات المؤخرة، وعضلات العنق والرقبة، وعضلات الوجه.
- الترنح (Ataxia)
مشية غير منسقة بسبب ضعف التحكم في عضلات الجسم خاصةً عضلات المؤخرة.
- عدم التناسق (Asymmetry)
يظهر عدم التناسق في وقفة الحيوان المصاب وذلك نتيجة حدوث الضمور العضلي والعرج على جانب واحد من جسم الحصان المصاب.
توجد أعراض أخرى تصاحب مرض التهاب الدماغ الأولي عند الخيول وتتشابه مع كثير من الأمراض العصبية الأخرى للخيل، مثل: التهاب الدماغ الشرقي (EEE)، أو مرض الحصان الحزين، والتهاب الدماغ الياباني، وتشمل ما يلي:
- إمالة الرأس.
- فقدان الوعي الجسدي.
- صعوبة في الأكل والبلع نتيجة شلل اللسان.
- الخمول.
- التغييرات السلوكية.
- الضعف والاستلقاء على الأرض.
- التعرق غير الطبيعي.
- السقوط في أثناء المشي.
تشخيص equine protozoal myeloencephalitis
يعد تشخيص مرض التهاب الدماغ الأولي عند الخيول أمرًا صعبًا من حيث الأعراض لأنها تتشابه مع أعراض الكثير من الأمراض العصبية التي قد تُصيب الخيل، مثل:
- اعتلال النخاع والدماغ الخيلي.
- فيروس الهربس الخيلي (Herpes virus).
- مرض الخلايا العصبية الحركية الخيلي.
- مرض إلتهاب عصب ذيل الفرس.
- التهاب دماغ الخيول encephalitis (الشرقي، الغربي، غرب النيل).
- داء الكلب.
- مرض التهاب السحايا الجرثومي.
- اعتلال الدماغ الكبدي الخيلي.
- مرض تضيق العمود الفقري العنقي.
- هجرة الطفيليات.
يوجد بعض الاختبارات التشخيصية التي يمكن إجراؤها بعد ظهور الأعراض العصبية، وتشمل ما يلي:
- اختبار الأجسام المضادة في الدم (Western blot)
يسمح هذا الاختبار للطبيب البيطري بالبحث عن الأجسام المضادة للطفيل S. neurona المسبب للمرض. يشير عدم وجود أجسام مضادة لهذا الطفيل في دم الحيوان إلى عدم إصابة الخيل بالمرض، لكن وجود هذه الأجسام المضادة يشير إلى أن خيلك تعرض للإصابة في وقت ما من حياته، لكنه لا يعني الإصابة الحالية بالمرض. تعرض 50-60% من الخيول للإصابة العصبية لكن 0.14% فقط منهم أصيبوا بالمرض.
- اختبار ELISA
يبحث هذا الاختبار عن الأجسام المضادة IGM لطفيل S. neurona في أثناء الإصابة النشطة به في الدماغ والحبل الشوكي، اذا كان الاختبار إيجابيًا فإن الحصان مصاب بالمرض.
- اختبار IFAT
يقوم هذا الاختبار بالتقييم الكمي للأجسام المضادة للطفيل المسبب للمرض.
- اختبار البزل النخاعي (Spinal tap)
يتم هذا الاختبار على سائل الدماغ والنخاع الشوكي (CSF) للحصان. يكتشف البزل النخاعي وجود العدوى بشكل أفضل من اختبار الدم، ويمكن أن يؤدي تلوث سائل الدماغ والنخاع الشوكي إلى نتائج إجابية كاذبة.
علاج التهاب الدماغ الأولي عند الخيول
يوجد بعض الأدوية المعتمدة من إدارة الأغذية والعقاقير(FDA) لعلاج (EPM)، وتشمل ما يلي:
- بونازوريل (Ponazuril)
يؤخذ هذا الدواء عن طريق الفم يوميًا بجرعة (5 مجم/كجم/ يوم) لمدة 28 يوم. يمكن إعطاء جرعة تحميل في اليوم الأول من العلاج بمعدل (15 مجم/ كجم) للوصول سريعًا إلى مستويات الدم العلاجية.
- ديكلازوريل (Diclazuril)
يؤخد بجرعة (1مجم/كجم/ يوم) لمدة 28 يوم. يتم امتصاص بونازوريل و ديكلازوريل بشكل أفضل إذا تم إعطائهم للحيوان مع زيت نباتي مثل زيت الذرة، وعباد الشمس أو DMSO. يمكن استخدام الديكلازوريل كعلاج وقائي ضد الإصابة.
- السلفاديازين، وبيريميثامين (Sulfadiazine/pyrimethamine)
يؤخذ هذا الدواء بجرعة (20 مجم/كجم، 1 مجم/كجم) على التوالي لمدة 90 يوم على الأقل. يتم إعطاء هذا الدواء قبل ساعة أو بعد ساعة على الأقل من تناول الحصان للتبن أو القش.
- مضادات الالتهاب (Banamine, Phenylbutazone)
تؤخد مضادات الالتهاب في الأيام القليلة الأولى من بداية العلاج، وذلك لمنع الآثار الجانبية والالتهاب الثانوي في بداية المرحلة العلاجية.
- فيتامين (E)
مضاد للأكسدة وداعم للأعصاب.
التعافي وإدارة EPM في الخيول
تُظهر 60-80% من الخيول المصابة علامات تحسن ملحوظة من المرض، تصل نسبة التعافي إلى 25% من الخيل المصاب بمرض التهاب الدماغ الأولي عند الخيول. تتعرض 10-20% من الخيول التي تُظهر الأعراض لانتكاسة خلال السنوات الثلاثة الأولى بعد العلاج. يؤدي إهمال علاج مرض التهاب الدماغ عند الخيول وتركه إلى عجز جسدي دائم، وأحيانًا يكون قاتلًا لأنه يتسبب في تدهور شامل وتلف للجهاز العصبي المركزي عند الخيول.
قد تعاني الخيول من ضعف المناعة في أثناء الإصابات وفي مرحلة علاج التهاب الدماغ الأولي عند الخيول، لذلك فهي معرضة لخطر الإصابة بعدوى أخرى. يجب إبقاء الخيول المصابة في منطقة آمنة لتجنب ومنع أي إصابات جسدية للخيل نتيجة الضعف الشديد وفقدان الوعي الجسدي. يجب تقليل توتر الخيل المصاب في أثناء العلاج، ويجب أيضًا تجنب الركوب والتمرين للحفاظ على سلامة الراكب.
كيفية الوقاية من التهاب الدماغ الأولي عند الخيول
يوجد بعض التدابير الوقائية لتقليل تعرض الخيول لبراز الأبوسوم، وتقليل فرص ابتلاعه، ومنها ما يلي:
- إحكام غلق صناديق العلف والمكملات الغذائية.
- تجنب إطعام الخيول على الأرض.
- تقديم المياه العذبة، ومنع الشرب من المياه الملوثة الراكدة.
- التخلص من جثث الأبوسوم بعيدًا عن مراعي الخيول.
ما هي علامات الإصابة الأولى بمرض EPM في الخيول؟
تكون العلامات الأولى لمرض EPM غامضة جدًا، وتشمل:
- مشية غير منتظمة للحصان.
- صعوبة الأكل.
- إمالة الرأس.
- تغيير السلوك.
هل يمكن للخيول الإصابة بالتهاب الدماغ الأولي عند الخيول نتيجة أكل التبن؟
تحدث الإصابة نتيجة تناول الحصان لأكل ملوث بالأكياس البوغية المعدية من براز الأبوسوم، لذلك فإن وضع الأكل في مكان مغلق جيدًا وبعيدًا عن هذه الحيوانات الحاملة للمرض أمر مهم وجيد.
هل مرض التهاب الدماغ الأولي عند الخيول EPM قاتل؟
EPM هو مرض عصبي يصيب الحصان، إذا تأخر علاجه أو تُرك دون علاج، قد يكون قاتلًا نتيجة تدهور الجهاز العصبي المركزي وزيادة الالتهاب.
اقرأ المزيد:
- حمى الحمام عند الخيول؛ تعرف إلى أهم أعراض السل الكاذب الوتدي وطرق علاجه
- اليرقان في الخيول؛ أهم أسبابه وكيفية التشخيص والعلاج
- تسمم الخيول بنبات زهرة الشيخ
ختامًا، يعد التهاب الدماغ الأولي عند الخيول (equine protozoal myeloencephalitis) من الأمراض النادرة التي قد تصيب الخيل، لكنه خطيرًا ومميتًا في حالة الإصابة، لذلك إجراء طرق الوقاية قد تفيد كثيرًا في تقليل انتشار المرض وتعرض الخيول له.
عذراً التعليقات مغلقة