الحقيقة وراء سلالة إنفلونزا الخنازير G4 في الصين: هل لها لقاح

فالدييف رستم
نشرت منذ 7 أيام يوم 16 أبريل, 2024
الحقيقة وراء سلالة إنفلونزا الخنازير G4 في الصين: هل لها لقاح

ما هو مؤكد، أن ما لا يحتاجه العالم الآن هو حدوث جائحة وبائية فوق الآخرى. لهذا، فإن التحقيقات المستجدة التي تفيد بأن الخنازير في الصين تصاب بشكل متكرر بسلالة من الإنفلونزا التي لديها القدرة على القفز إلى البشر، جعل الباحثون والمختصين في الأمراض المعدية يتحدثون عن سلالة إنفلونزا الخنازير هذه في جميع أنحاء العالم و مراقبة كل التطورات الخطيرة الآخيرة الخاصة بتلك السلالة.

ما هي إنفلونزا الخنازير؟

إنفلونزا الخنازير هي مرض تنفسي للخنازير تسببه فيروسات الإنفلونزا من النوع أ Influenza A والتي تسببت بانتظام في تفشي الإنفلونزا في الخنازير. تسمى فيروسات الإنفلونزا التي تنتشر عادة في الخنازير “فيروسات إنفلونزا الخنازير” .

مثل فيروسات الإنفلونزا البشرية، هناك أنواع فرعية مختلفة وسلالات من فيروسات إنفلونزا الخنازير. كانت فيروسات إنفلونزا الخنازير الرئيسية المتداولة في الخنازير الأمريكية في السنوات الأخيرة هي سلالة إنفلونزا الخنازير H1N1 ، وسلالة إنفلونزا الخنازيرH3N2  وسلالة H1N2.

قدرة الخنازير على توليد سلالات جديدة

يمكن أن تصاب الخنازير بأنفلونزا الطيور، وفيروسات الإنفلونزا البشرية، وكذلك فيروسات إنفلونزا الخنازير. لذا، عندما تصيب فيروسات الإنفلونزا من أنواع مختلفة، الخنازير، يمكن للفيروسات إعادة ترتيب مادتها الوراثية (أي تبادل الجينات)، ويترتب على ذلك إمكانية أن تظهر فيروسات جديدة عبارة عن مزيج من فيروسات أنفلونزا الخنازير والبشر و الطيور.

المستقبل المجهول

يقول روبرت ويبستر، الباحث في أمراض الإنفلونزا، و الذي تقاعد مؤخرًا من مستشفى سانت جون جود لأبحاث الأطفال: إن الأمر أشبهه بلعبة تخمين، فيما إذا كانت هذه السلالة ستطور أم لا، وهل ستؤدي إلى انتقال سريع بين البشر، وهو ما لم تفعله بعد.

كما يضيف ويبستر: لا نعلم في الحقيقة ما إذا كان مثل هذا الوباء قد سيحدث أم لا،حتى يحدث هذا الشيء الغير مرغوب فيه، كما أشار ويبستر إلى أن الصين بها أكبر عدد من الخنازير في العالم. لكن لا أحد يعلم ما ستفعلها هذه السلالة.

سلالة إنفلونزا الخنازير الجديدة G4

عندما تصيب سلالات متعددة من فيروسات الإنفلونزا نفس الخنزير، يمكنها بسهولة تبادل الجينات المختلفة، وهي عملية تعرف باسم “إعادة الترتيب”.

إن قدرة الجهاز المناعي للشخص المصاب تكون في أفضل حال لها عند تعرضها لأول سلالة أنفلونزا يتعرض لها، وتستمر تلك الكفاءة تجاه نفس السلالة من الفيروس لاحقا. لكن فيروس الأنفلونزا لديه القدرة على تغيير تركيبة الخارجي باستمرار وسلالته وتغيير البروتينات الخارجية القادرة على تحفيز إنتاج الأجسام المضادة المتخصصة لهذا الفيروس، ويعرف هذان المولدان أو البروتينان اختصاراً بمولد المضادات H ومولد المضادات N، وهما المتغيران بإستمرار ومن خلالها يتم تسمية فيروس الإنفلونزا المستجد.

تركز الدراسة الجديدة، التي نشرت اليوم في الأكاديمية الوطنية للعلوم، علىسلالة إنفلونزا الخنازير تمت تسميتها G4. وهذا الفيروس مزيج فريد من ثلاثة سلالات: واحد مماثل للسلالات الموجودة في الطيور الأوروبية والآسيوية، وهي سلالة H1N1 التي تسببت في جائحة إنفلونزا الخنازير في عام 2009، وسلالة H1N1 في أمريكا الشمالية التي تحتوي بدورها على جينات من فيروسات إنفلونزا الطيور والبشر والخنازير مجتمعة.

سلالة إنفلونزا الخنازير G4 مثيرة للقلق بشكل خاص، لأنها تعد في ذاتها أحد فيروسات إنفلونزا الطيور، والذي بدوره خطير لأنه ليس لدى البشر مناعة مسبقة، كما يحتوي الفيروس على قطع من سلالات الإنفلونزا التي تصيب بعض الثدييات الأخرى.

من البيانات المقدمة لنا، يبدو أن سلالة إنفلونزا الخنازير هذه G4 على وشك أن تنتقل إلى البشر، فهو بمثابة القنبلة الموقوتة. يقول إدوارد هولمز، عالم الأحياء التطوري من جامعة سيدني والذي يدرس مسببات الأمراض مثل الفيروسات: من الواضح أن هذا الوضع في أمس الحاجة إلى مراقبتة والتحكم به عن كثب.

كيف تم تحديد سلالة G4 ؟

كجزء من مشروع لتحديد سلالات الإنفلونزا الجائحة المحتملة، قام فريق بقيادة ليو جينهوا من جامعة الزراعة الصينية (CAU)، بتحليل ما يقرب من 30،000 مسحة أنف مأخوذة من الخنازير في المسالخ المخصصة للذبح في 10 مقاطعات صينية، و 1000 مسحة أخرى من الخنازير التي كانت لديها أعراض في الجهاز التنفسي في المستشفى التعليمي البيطري التابع لنفس الجامعة.

كشفت هذه المسحات، التي تم أخذها بين عامي 2011 و 2018، عن 179 فيروسًا من أنفلونزا الخنازير، كانت الغالبية العظمى منها هي سلالة إنفلونزا الخنازير G4 أو واحدة من خمس سلالات G أخرى من سلالة أوراسيا التي تشبه السلالة في الطيور. كما أضافوا أيضاً أن فيروس G4 قد أظهر زيادة حادة منذ عام 2016، وهو النمط الجيني السائد في التداول في الخنازير المكتشفة في 10 مقاطعات صينية على الأقل.

نقطة القلق من سلالة G4

يقول Sun Honglei، المؤلف الأول في البحث المنشور بخصوص هذا الصدد: إن إحتواء سلالة إنفلونزا الخنازير G4 على جينات من سلالة إنفلونزا الخنازير H1N1 التي حدثت في عام 2009، قد يعزز من قدرة التكيف لهذا الفيروس، والذي قد يؤدي إلى انتقال العدوى من إنسان إلى آخر. لذلك، يقول سون، من جامعة كاليفورنيا: من الضروري تفعيل نظم المراقبة على الخنازير في الصين بحثًا عن وجود أي سلالات فيروسات الإنفلونزا.

وكثيرا ما تقفز فيروسات الإنفلونزا من الخنازير إلى البشر، ولكن معظمها لا تنتقل بعد ذلك بين البشر. تم توثيق حالتين من حالات عدوى سلالة إنفلونزا الخنازير G4 للبشر وكلاهما كانا عدوى منتهية، أي لم تنتقل إلى أشخاص آخرين.

تقول مارثا نيلسون، عالمة الأحياء التطورية في مركز فوغارتي الدولي التابع للمعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، والتي تدرس فيروسات إنفلونزا الخنازير في الولايات المتحدة وانتشارها بين البشر: احتمال أن يتسبب هذا النوع المحدد في حدوث جائحة لهو احتمالية ضعيفة.

لكن نيلسون يضيف أن لا أحداً كان يعرف عن ما ستفعله سلالة الوباء H1N1، التي قفزت من الخنازير إلى البشر، حتى ظهرت أولى الحالات البشرية في عام 2009. يقول نيلسون: يمكن للإنفلونزا أن تفاجئنا، وهناك خطر محدق بنا بسبب الإنفلونزا والتهديدات الأخرى في هذا الوقت بسبب إنشغالنا بفيروس كورونا المستجد.

صعوبة التنبؤ

تقدم الدراسة الجديدة لمحة عن سلالات إنفلونزا الخنازير في الصين، التي تحتوي على 500 مليون خنزير. بينما تعتقد نيلسون أن كثرة وجود سلالة إنفلونزا الخنازير G4 في التحاليل هي نتيجة مثيرة للاهتمام، إلا أنها تقول أنه من الصعب معرفة ما إذا كان انتشارها يمثل مشكلة متنامية، وذلك نظرًا لصغر حجم العينة نسبيًا.

وتضيف: أنت في الحقيقة لا تحصل على فكرة واضحة وجيدة لما هو سائد في الخنازير في الصين، مشددة على الحاجة إلى مزيد من أخذ العينات في الخنازير في البلاد.

بيولوجية الفيروس في المختبر

في الورقة البحثية المنشورة، يصف صن وزملاؤه، بما في ذلك جورج جاو، رئيس المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، دراسات أطباق المختبر التي توضح كيف أصبحت سلالة G4 بارعة في إصابة ونسخ نفسها في الخلايا المبطنة لمجرى الهواء البشري epithelial cells. كما تصاب الفيروسات وتنتقل بسهولة بين النمس ferrets، وهو النموذج الحيواني الشائع والذي يستخدم لدراسة الأنفلونزا البشرية.

الجدير بالذكر أن الباحثون قد وجدوا أجسامًا مضادة Antibodies لسلالة G4 في 4.4 ٪ من ال 230 شخصًا الذين تمت دراستهم من خلال أخذ مسحاتهم؛ كما أن هذا المعدل من الأجسام المضادة يتضاعف أكثر من الضعف لدى العمال الذين هم في أماكن وجود الخنازير بإستمرار.

أطباق المختبر، هي أطباق يتم زرع خلايا عليها، لتمرير الفيروس من خلالها، أو لتمكين الفيروس من ممارسة دورته الطبيعية من أول إصابة الخلايا، لحين إفراز الفيروس خارج الخلية. حيث تمكن هذه الأطباق المخصصة للإستزراع الفيروسي، الباحثين من دراسة الفيروس.

تطوير لقاح ضد سلالة G4

بالإضافة إلى زيادة تفعيل دور المراقبة على الخنازير ودراسة السلالات التي قد تنشأ فيها، تقول صن أنة من المنطقي تطوير لقاح ضد سلالة إنفلونزا الخنازير G4 لكل من الخنازير والبشر. كما يضيف ويبستر أنه على الأقل يجب إنتاج مخزون من نفس السلالة الآن ولكن هذه سلالة معدلة أو متغيرة لصنع لقاح بشري – هذه المتغيرات تنمو بسرعة في البيض المستخدم في صنع لقاح الإنفلونزا من خلال تمرير الفيروس فيه. يقول ويبستر: ينبغي أن يكون جاهزًا.

فعالية اللقاح

نادراً ما تستخدم الصين لقاحات لسلالات الإنفلونزا الجارية في الخنازير. حيث يقول نيلسون أن المزارع الأمريكية تفعل ذلك عادة، ولكن اللقاح له تأثير ضئيل لأنه غالبًا ما يكون قديمًا ولا يتطابق مع السلالات الموجودة والمتغيرة بين قطعان الخنازير.

من الناحية المثالية، كما يقول نيلسون، فإننا عملية إنتاج لقاح بشري ضد سلالة إنفلونزا الخنازير G4، ووضعه لأي جائحة طارئة هو شئ جيد، لكن هذه عملية تتطلب تمويلًا كبيرًا.

كما يضيف نيلسون: نحتاج إلى أن نكون متيقظين بشأن التهديدات الأخرى للأمراض المعدية حتى مع وجود كوفيد-19، لأن الفيروسات ليس لديها أي إهتمام في ما إذا كان لدينا بالفعل جائحة آخر.

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

    موافق