التقلقل العاطفي
التقلقل العاطفي – pseudobulbar affect ما هو، وما أسبابه وأعراضه، وكيف يعالج، وما الفرق بينه وبين الاكتئاب، وكيف يؤثر على حياة المرضى؟
فهرس المحتويات
التقلقل العاطفي أو عدم الثبات الانفعالي – Pseudobulbar affect أو PBT اختصارًا أو يدعى أيضًا بالتأثير البصلي الكاذب. هي حالة تتسم بظهور نوبات مفاجئة ومتكررة وغير مريحة من الضحك أو البكاء لدى المصاب.
نظرة عامة
في معظم الحالات لا يلائم الضحك أو البكاء الحالة الهزلية أو الحزينة للموقف. وفي بعض الأحيان قد يبدو إظهار العواطف غير مناسب.
هناك تباين عند مرضى التقلقل العاطفي بين مشاعر الشخص الحقيقية والمشاعر الخارجية التي يبديها. وهذه الحالة تكون من منظور المصاب بالتقلقل العاطفي مجهدة ومحرجة.
قد تعني الإصابة بالتقلقل العاطفي إساءة فهم المريض من قبل أصدقائه وعائلته، ذلك بأن ضحكه أو بكاءه الظاهري لا يعكس مشاعره الحقيقية.
أسباب مرض التقلقل العاطفي
يحدث عدم الثبات الانفعالي مقترنًا مع الحالات التالية:
- الاضطرابات الدماغية مثل التصلب الجانبي الضموري، وداء باركنسون، والتصلب المتعدد.
- السكتات الدماغية.
- الإصابات الرضية الدماغية.
- داء ألزهايمر.
ما من تأكد لدى الأطباء والباحثين حول سبب التقلقل العاطفي وهناك ثلاث نظريات رئيسة حول العمليات العقلية الحادثة عند وجود تقلقل عاطفي:
فرضية التحرر
تفقد أو تتأذى بعض العصبونات الواصلة ما بين الفص الجبهي وجذع الدماغ (البصلة السيسائية منه) لدى مرضى الاضطرابات العصبية المقترنة بالتقلقل العاطفي، وتتحكم هذه الخلايا بالضحك أو البكاء. ففي هذه النظرية، يطلق الضرر مراكز الضحك والبكاء في الدماغ.
نظرية بوابة التحكم
اعتقد العلماء بعد اختبار أدمغة أشخاص مصابين بالتقلقل العاطفي والتصلب المتعدد أن سبب الاضطراب هو إزالة تثبيت آليات “بوابة التحكم” التي تبقي التعبير عن العواطف تحت السيطرة.
فوفقًا لهذه النظرية تفسد الأضرار العصبية كالتصلب المتعدد وأمراض الدماغ الأخرى نشاط الأماكن المسؤولة عن الحس والحركة ومعالجة المشاعر في الدماغ.
نظرية فشل النواقل العصبية
تنص هذه النظرية على أن النواقل العصبية كالدوبامين والسيروتونين والغلوتامات وسيغما-1 تتعطل في مختلف السبل العصبية في الدماغ، مسببة تقلب التعبير العاطفي.
أما عن العرض الممِّيز للتقلقل العاطفي فهو نوبات تستمر لثوانٍ أو دقائق من البكاء أو الضحك تكون في بعض الأحيان عفوية أو بوضوح غير متناسبة مع سياق الأحداث.
أعراض مرض التقلقل العاطفي
ليست الأعراض بأكثر من نوبات مفاجئة ومتكررة إما من الضحك وإما من البكاء، قد تكون خفيفة وقد تكون حادة.
كذلك فقد تكون كثيرة التكرار وقد تكون قليلة التكرار، يتوقف كل ذلك على الحالة. إذ يبدي المصابون انفجارات عاطفية مفاجئة وغير إرادية.
تكون هذه النوبات إما غير متوافقة مع السياق المحيط (كالضحك عند إخبارهم شيئًا حزينًا مثلاً). أو متوافقة مع السياق، ولكن برد فعل أكثر حدّةً بكثير من المتوقع. كالضحك بشكل غير مريح عند مجرد ابتسام الآخرين بشكل اعتيادي.
تشخيص مرض التقلقل العاطفي
غالبًا ما يُخطَأ تشخيص عدم الثبات الانفعالي أو ربما لا يشخص على الإطلاق. فقد كشفت دراسة تمت على عدد من المرضى، أن من بين المرضى الذين ناقشوا نوبات ضحكهم أو بكائهم مع الطبيب، فقط 41 بالمئة قد شخصت حالته كإصابة بعدم الثبات الانفعالي.
علاوةً على ذلك، لم يشخص أي من هؤلاء بالتقلقل العاطفي. فقد شخص ثلث المرضى باضطراب الاكتئاب الحاد بينما أُخبر ثمانية وعشرين بالمئة منهم أن أعراضهم جزء من حالاتهم العصبية (الأمراض).
ولأن عدم الثبات العاطفي مرتبط بعدة اضطرابات عصبية فغالبًا ما يشخصه الأطباء العصبيون. وذلك فقد يشخص أطباء الشيخوخة والأطباء النفسيون الحالة أيضاً.
ويشخص التقلقل عياديًّا، أي بأن يعتمد الطبيب في التشخيص على تاريخ وملاحظات المريض، بدلًا من التشخيص المعتمد على الاختبارات كالتحليل الدم أو تصوير الدماغ.
وكما الحال مع الكثير من التشخيصات العيادية، من السهل إغفاله، إلا إذا كان للطبيب على خبرة سابقة معه أو يبحث عنه. ولربما تقاس الإصابة على مقياس يستند إلى إجابات سلسلة من الأسئلة.
كمقياس التقلقل الخاص بمركز الدراسات العصبية، وهو عبارة عن سبع أسئلة مع استبيان يدار ذاتيا (أي أن يجيب المريض عن الأسئلة بنفسه) حول الضحك والبكاء.
إضافة إلى مقياس آخر يدعى مقياس الضحك والبكاء المرضيّان (PLACS). المكون من ثمانية عشر سؤالاُ موضوعًا من قبل اختصاصيي الرعاية الصحية.
علاج مرض التقلقل العاطفي
تقليديا، يحاول الطبيب تجريب العلاجات غير الدوائية أولًا. وفي بعض الحالات قد تكون الخطوة المناسبة الأولى التعليم والتثقيف حول الحالة، سيتضمن ذلك:
الشرح عن ماهيّة عدم الثبات العاطفي وأنه يشيع في عدد من الاضطرابات العصبية وكيف يعتقد أنه يؤثر. وأن ذلك ليس من خطأ المريض وليس بمسيطر عليه.
من المفيد جدا فهم الحالة جيدًا، فإذا ما رآها الطبيب دونما خبرة مسبقة معها من قبل أو معرفة اي شيء عنه فإنما سيكون من المجهد ملاحظتها.
كذلك فإنها حالة مقعدة، إذ تبدو شديدة العاطفية عند ظهورها على المريض، وكلما عرف الناس ذلك وفهموه كلما كان أفضل.
وفي بعض الحالات إذا ما كانت النوبات العاطفية متوسطة بعض الشيء ولا تحدث كثيرًا، فربما سيكون التثقيف حول الحالة ومعرفتها بحسب ما ورد أعلاه كافيًا للمريض ولمقدم الرعاية لإدارة الحالة.
وإن لم يكن التثقيف كافيًا وكان التقلقل أكثر حدة فعلى الطبيب أن يحكم، هل تؤثر الحالة على جودة حياة المريض وعلاقاته مع عائلته وحياته الاجتماعية؟
إذا كانت كذلك فعندها قد يتم تجربة استخدام الأدوية. وإذا اعتبرت التداخلات الدوائية مناسبة، سيكون الهدف من العلاج تقليل حدة وعدد مرات النوبات العاطفية.
كذلك فقد عولج عدم الثبات العاطفي لسنوات بمضادات الاكتئاب المتضمنة مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات.
وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية مؤخرًا على دواء مخصص لعلاج التقلقل العاطفي يدعى نوديكستا (ديكستروميثورفان أو كواينيدين) يمكن أن يقلل تكرارية النوبات، وليس له كثرة من التأثيرات الجانبية كذلك.
علاجات دوائية تستخدم في علاج مرض التقلقل العاطفي
يحتمل علاج التقلقل العاطفي – مثله في ذلك كمثل جميع الأمراض النفسية – العلاج الدوائي، وأبرز الأدوية المستخدمة في العلاج:
- دواء نوديكستا (يسمى ديكستروميثورفان أو كوايندين أيضًا).
- مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (دواء شائع لعلاج الاكتئاب).
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات.
إقرأ أيضاً: فقدان الشهية العصابي | الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
أمراض مشابهة لمرض التقلقل العاطفي في الأعراض
غالبا ما يتشابه عدم الثبات الانفعالي مع الاكتئاب، ولسوء تشخيصه عدة أسباب.
منها أن لا يكون للطبيب خبرة مع حالة تقلقل عاطفي من قبل، وعليه فلن يفكر باحتماليتها، وقد يغفل التفاصيل الدقيقة وتاريخ المريض.
وحتى عندما يلاحظ الطبيب بعض علامات التقلقل العاطفي لدى المريض قد لا يأخذها بعين الاعتبار على أتم وجه.
يمكن أيضًا أن يظهر التقلقل العاطفي بشكل مشابه للاكتئاب، فقد يؤخذ البكاء الخفيف على أنه اكتئاب، لكنه قد يكون نوبة تقلقل عاطفي فعلًا.
وعلى العموم فإن نوبات البكاء تبدو أشيع من نوبات الضحك كذلك. لكن التقلقل العاطفي غير مرتبط بالاكتئاب، غالبا ما يختلط على الناظر مع الاكتئاب، لكن ذلك ليس بسبب وجود ارتباط بينمها.
إحدى الطرق للتفريق بين الاكتئاب وبين عدم الثبات الانفعالي هي ما يرافقه من أعراض لكل منهما:
- فإذا ما كان لدى الشخص أحد الاضطرابات العصبية المذكورة أعلاه فمن المحتمل أكثر التفكير في وجود تأثير بصلي كاذب لدى المريض.
- أما إذا كان الشخص لا يعاني مطلقاً من أي أمراض عصبية فمن المستعبد أن يكون لديه تقلقل عاطفي.
اقرأ أيضًا: الوذمة الدماغية | الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
أن يعيش المرء مع حالة كهذه لهو تحدٍّ كبير، إذ يمكن أن يفقد المريض الرغبة بالتواجد في بيئات اجتماعية خشية الإحراج أو أن تؤثر نوباته على علاقته مع الآخرين، وربما تراه مرتبكًا محبطًا بسبب أعراضه دونما علم بسبب ضحكه أو بكائه المفاجئ عندما لا يريد ذلك.
لذلك من المهم تشخيص الحالة ومساعدة المرضى قدر الإمكان، وإلا فإنها تسبب تأثيرًا سلبيًا بشكل كبير على حياتهم.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.