الصرع الصغير (Petit mal epilepsy)؛ أعراضه ومضاعفاته وعلاجه

أحمد بكورة
نشرت منذ أسبوع واحد يوم 14 أبريل, 2024
بواسطة أحمد بكورة
الصرع الصغير (Petit mal epilepsy)؛ أعراضه ومضاعفاته وعلاجه

الصرع الصغير (Petit mal epilepsy) هو الاسم القديم لأحد أنواع الصرع المهمة، وهو يدعى الآن بنوب الغياب (Absence Seizures). يعد الصرع أحد اضطرابات الجهاز العصبي المركزي والتي تحدث تغير مؤقت في نشاط الدماغ، ويقسم إلى أنواع مختلفة حسب نوع النوبات التي تحدث. تعرف على أهم 8 محرضات لحدوث هذا النمط من الصرع، وأبرز أعراضه، ومضاعفاته، وعلاجه.

ما هو مرض الصرع الصغير؟

الاسم العلمي للمرض نوب الغياب
أسماء أخرى الصرع الصغير، نوبة الصرع الصغري، نوبة مصحوبة بغيبة، الصرع المعمم اللاحركي
تصنيف المرض أمراض عصبية
التخصص الطبي المعالج طبيب الداخلية العصبية وطبيب الأطفال
أعراض المرض فقد الإدراك بالمحيط
درجة انتشار المرض شائع
الأدوية المعالجة مضادات الصرع

الصرع الصغير هو أحد أنواع مرض الصرع المعمم، ويتميز بنوبات قصيرة بالكاد تُلاحظ، وتدوم بين 5 ثوانٍ و30 ثانية (غالباً 20 ثانية)، ونادراً ما تدوم النوبة عدة دقائق. يحدث بعد ذلك شفاء مباشر وكأن شيئاً لم يكن، على عكس حالات الصرع الأخرى التي يليها حدوث صداع، ونعاس، واضطراب الوعي. كذلك تأتي النوبات فجأةً دون تحذير مسبق، ويفقد المريض خلالها الوعي والإدراك بالمحيط بما يشبه الفجوة الزمنية، وقد يظن المحيطون بالمريض أنه يعاني من أحلام اليقظة، أو أنه يتعمد عدم الانتباه. تتكرر النوبات خلال اليوم فقد تحدث 10 مرات إلى أكثر من 30 مرة، وقد يصاب الطفل بأكثر من 100 نوبة يومياً.

,من الأسماء الأخرى لهذا المرض نوب الغياب، والنوبة المصحوبة بغيبة، ونوبة الصرع الصغري. من الجدير ذكره أنه يحدث مرض Petit mal epilepsy في أي عمر لكنه أشيع عند الأطفال بين 2 و12 سنة (أكثر الأعمار إصابةً بين 5 و7 سنين)، ويمكن السيطرة على معظم الحالات بالأدوية.

أنواع الصرع الصغير

يقسم الصرع الصغير إلى نمطين نموذجي وآخر غير نموذجي. يمتلك الشكل الغير نموذجي نمطاً خاصاً على تخطيط الدماغ الكهربائي، وتبدأ نوباته وينتهي ببطء وتستمر فترة أطول من الشكل النموذجي (أكثر من 20 ثانية). كذلك يتميز الشكل الانموذجي بحدوث حركات عضلية أكثر مثل طرق الشفاه، وحركات المضغ، والغمز بالعين، وحركات اليد. يترافق هذا النمط مع أشكال أخرى من الصرع، ويعاني الطفل غالباً من صعوبات تعلم وصرع شديد. من ناحية أخرى يأتي الشكل النموذجي دون حركات عضلية غالباً، ونوباته أقصر من غير النموذجي.

أسباب مرض Petit mal epilepsy

يكون سبب الصرع الصغير مجهولاً في أغلب الحالات، لكن يمتلك معظم المصابون استعداداً وراثياً مسبقاً للإصابة به. يرسل الدماغ طبيعياً إشارات كهربائية وكيميائية عبر المشابك التي تصل بين الخلايا العصبية. تنتج النوبات عن نبضات كهربائية شاذة من الخلايا العصبية الدماغية تؤدي إلى نشاط كهربائي غير طبيعي فيه. يتغير النشاط الكهربائي الطبيعي عند مرضى نوب الغياب حيث تتكر تلك الإشارات الكهربائية مراراً وتكراراً في نمط ثلاثي الثواني. كذلك تتغير كمية المواد الكيميائية الناقلة للإشارات في الدماغ والتي تسمى بالنواقل العصبية (Neurotransmission).

لم يُفهم العامل الوراثي جيداً، لكن يُعتقد بوجود طفرات في الجينات التي تُرمز القنوات الناقلة للشوارد في الخلايا.

العوامل التي تزيد من خطر حدوث الصرع الصغير Petit mal epilepsy

توجد عدة عوامل تزيد احتمال حدوث مرض Petit mal epilepsy، وهي شائعة عند الأطفال المصابين. تشمل تلك العوامل ما يلي:

  • العمر (أشيع عند الأطفال).
  • الجنس (أشيع عند الإناث).
  • القصة العائلية (يمتلك نصف الأطفال المصابون أقارب مرضى).

محرضات نوبة الصرع الصغري

تمتلك نوبات الصرع الصغير نفس محرضات باقي أنواع الصرع وهي تشمل:

  • الأصوات، والأضواء البراقة، وأشعة الشمس.
  • قلة النوم.
  • التنفس بصعوبة.
  • حدوث تناذر انسحاب من البنزوديازبين وأدوية الجهاز العصبي المركزي الأخرى.
  • تناول بعض الأدوية مثل الإيزونيازيد ومضادات الذهان.
  • عدم الالتزام بالأدوية.
  • التوتر العاطفي، والقلق، والحماس.
  • شرب الكحول.

علامات وأعراض الصرع الصغير

تشمل أعراض الصرع الصغير ما يلي:

  • فقد الإدراك بالمحيط.
  • نوبات مفاجئة وجيزة من التحديق في الفراغ (النظرة الفارغة).
  • التوقف التام عن الأنشطة والأعمال خلال النوبات.
  • التوقف عن الحركة دون السقوط.
  • إيقاف الكلام في منتصف الجملة.
  • رفرفة بالجفون، أو الإيماء بالرأس، وغيرها من الحركات التلقائية في اليد والفم مثل حركات المضغ، وضرب الشفاه ببعضها.
  • الانحناء للأمام أو الخلف.

يعتقد البالغون غالباً أن الطفل يسيء الأدب أو يعاني من الشرود وأحلام اليقظة عند ظهور الأعراض السابقة حتى يذهبوا به إلى ويخبرهم بالتشخيص.

مضاعفات نوبة الصرع الصغري

إليك مضاعفات الصرع الصغير:

  • التأثير سلباً على التعلم، لأن النوبات تسبب غياب الإدراك، فيفقد الطفل أجزاء مما يشرحه المعلم ما يؤثر على التحصيل العلمي الكلي.
  • الحوادث.
  • التأثير على الأنشطة الحياتية.
  • العزلة الاجتماعية.
  • مشاكل سلوكية.
  • مشاكل في التركيز (عند كتابة الوظائف وممارسة الرياضة مثلاً).
  • قد تتحول الحالة إلى الصرع التوتري الرمعي المعمم.

لذلك يجب على المريض تجنب بعض الأنشطة مثل السباحة والغوص وتسلق الجبال دون مراقبة، ولا يجب أن يقود السيارة حتى تتم السيطرة على النوبات seizure بالأدوية.

كيف يتم تشخيص مرض نوب الغياب؟

يأخذ الطبيب قصة سريرية مفصلة من المريض وأهله لتشخيص الصرع الصغير، ويسأل عن الأعراض، كذلك يسأل عن كل ما حصل قبل النوبة وأثناءها وبعدها، ثم يجري فحصاً سريرياً شاملاً. يفيد السؤال عن وجود أقارب يعانون من أعراض مشابهة أو تلقوا أدويةً لعلاج أحد أنواع الصرع epilepsy. كذلك يبحث الطبيب عن وجود قصة سابقة لأذيات الرأس الشديدة أو رضوض وإنتانات الدماغ مثل التهاب السحايا والتهاب الدماغ. يمكن أن يجري الطبيب اختبار فرط التهوية، حيث يطلب من المريض أن ينفخ بشكل متكرر أكثر من دقيقتين. علاوة على ذلك يفيد تخطيط الدماغ الكهربائي في تسجيل الموجات الكهربائية لنشاط الدماغ، ويمكن تشخيص هذا المرض من خلال ملاحظة نمط معين لتلك الموجات مختلف عن الطبيعي.

كذلك قد يطلب الطبيب تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي MRI، وذلك لنفي وجود أمراض دماغية مثل السكتات والأورام، إذ تكون الصورة طبيعية في حالة الصرع الصغير. من الفحوص الأخرى المطلوبة تحليل الدم لنفي وجود أمراض أخرى.
يكون معلم الصف أول من يلاحظ وجود مشكلة في الطفل أحياناً، حيث يرسل ملاحظات لوالديه عن قلة انتباهه وكثرة أحلام اليقظة.

علاج الصرع الصغير

تستخدم الأدوية بشكل أساسي لعلاج الصرع الصغيرة، حيث تستخدم الأدوية المضادة للصرع. من أبرز الأدوية المستخدمة ما يلي:

  • إيثوسوكسيميد.

يعد الدواء المفضل في العلاج إذ يبدأ به أغلب الأطباء. تستجيب النوبات جيداً لهذا الدواء، ومن أبرز آثاره الجانبية النعاس، ومشاكل النوم، والغثيان، والتقيؤ.

  • حمض الفالبروات.

يوصي الأطباء باستخدام الفالبروات عند الأطفال المصابين بنوبات الغياب والصرع الكبير (التوتري الرمعي المعمم) في نفس الوقت. يجب الانتباه إلى أن هذا الدواء قد يؤثر على الأجنة ويزيد احتمال التشوهات الولادية، لذلك يجب تجنبه عند الحوامل.

يعد أقل فعالية من الدوائين السابقين، لكن أعراضه الجانبية أقل وتشمل الطفح والغثيان.

بالمقابل لا يمكن استخدام بعض أنواع مضادات الصرع لأنها تزيد حالة الصرع الصغير سوءً مثل:

  • فينتوين.
  • كاربامازبين.
  • غابابنتين.
  • بريغبالين.
  • فيغاباترين.

يجب البدء بأصغر جرعة من مضادات الصرع ثم زيادة الجرعة تدريجياً حتى تتم السيطرة على الصرع الصغير. كذلك يمكن للطفل إيقاف الدواء تدريجياً تحت إشراف الطبيب بعد مرور عامين من الشفاء من المرض. كذلك لا تعدل جرعة الدواء ولا يبدل بدواء آخر دون استشارة الطبيب. علاوة على ذلك قد يعاني بعض المرضى من القلق والاكتئاب بسبب مرضهم ويجب العناية بهم من هذه الناحية بزيارة العيادة النفسية.
من الجدير ذكره أن أكثر من 75% من الأطفال يمكن أن يتعافوا من هذا المرض عند البلوغ.

استخدام الحميات الغذائية لعلاج نوبة الغياب

قد تفيد الحمية الكيتونية أو الكيتو (عالية الشحوم منخفضة السكر) في الحالات التي لا تستجيب على الأدوية ، لكن لا يوجد دليل مؤكد على ذلك. توجد حميات غذائية أخرى يمكن اتباعها مثل رجيم جي آي (حمية مؤشر سكر الدم)، وأنظمة أتكينز الغذائية المعدلة، لكنها أقل فائدة من حمية الكيتو. تأكد من الحصول على النوم الكافي، لأن قلة النوم تحرض حدوث نوبة مصحوبة بغيبة.

متى يجب الحصول على مساعدة طبية طارئة في حال حدوث نوبة مصحوبة بغيبة؟

يجب على أهل مريض الصرع الصغير طلب المساعدة الطبية فوراً إذا استمرت النوبة أكثر من 5 دقائق، كذلك إذا حدثت تصرفات لاإرادية مطولة دامت دقائق إلى ساعات. أخيراً يجب طلب الإسعاف إذا حدث تخليط ذهني مطول، أو ظهرت أعراض محتملة لحالة صرعية بنوب الغياب.

ما هو الفرق بين مرض الصرع الصغير وأحلام اليقظة؟

يمكن استعادة الانتباه بالحديث مع المريض أو تنبيهه باليد في حال أحلام اليقظة، لكن مريض صرع الغياب لا يستعيد انتباهه بالأمور السابقة. كذلك فإن أحلام اليقظة تستمر أطول من نوبة الصرع الصغري.

هل يمكن الشفاء من مرض نوب الغياب؟

الإنذار جيد، ويعيش معظم الأطفال بشكل طبيعي بعد العلاج بالأدوية المناسبة، مع وجود احتمال كبير للشفاء التام في سن المراهقة.

كيف يبدو المصاب أثناء النوبة؟

يمكن للمصاب أن يبدو وكأنه ينظر في الفراغ حيث يفقد الإدراك بالأمور التي تحيط به. كذلك يتوقف المريض عن الأنشطة التي يقوم بها حتى وإن كان في منتصف العمل، ولا يستجيب للنداء أو للأشخاص الذين يتكلمون معه. يمكن ملاحظة هذا الأمر بشكل أفضل في المدرسة أو أثناء التنفس بصعوبة. كذلك قد ينظر بعينيه إلى الأعلى أو يرف جفن عينه بشكل ملحوظ وسريع. بعد انتهاء النوبة لا يذكر المريض ما حدث له.

تحدثنا عن أبرز عوامل خطورة حدوث الصرع الصغير (Petit mal seizures)، ومحرضات نوباته، وأعراضه، وكيفية تشخيصه، وعلاجه. يتميز بنوبات قصيرة من فقد الإدراك والاتصال بالمحيط، لذلك فهو أحد أنواع مرض الصرع من نوع النوبة الصغيرة. كذلك يعد مرض Petit mal epilepsy صعب الكشف، وبما أنه أشيع في أطفال المدارس الابتدائية فإن المعلم عادةً ما ينبه الأهل إلى هذا الأمر، كذلك يعد هبوط المستوى الدراسي دليلاً آخر. الأمر الجيد أنه قابل للعلاج دوائياً، كذلك يشفى أغلب المرضى في سن المراهقة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

    موافق